ترجمة موجزة عن حياة سماحة الشيخ السهلانـي
ترجمة موجزة عن حياة سماحة الشيخ السهلانـي
هو الشّيخ محمد جواد بن الشيّخ علي بن الشّيخ عبد الرّضا بن الشّيخ جواد الحاج جبر السهلانـي[1] الحِميري النّجفي .
ويتّصل نسب الشّيخ السهلانـي ببيت من أشراف السهلانـيين ومشائخهم .
ولد في النّجف الأشرف ـ مهوى القلوب والأفئدة ، وحاضرة الدراسة العلمية ، وجامعة الشيعة الكبرى ـ في محلّة الحويش ، سنة (1330هج/1911م)، في ظل أُسرته العريقة . وشبَّ بين أقرانه وزملائه طالباً عُرف بالجد والمثابرة والحضور عند أفاضل الأساتذة وأعلام الحوزة .
وذاق السهلانـي مرارة اليتم وهو في الخامسة من عمره الشريف ، بعد أن انتقل والده الشيخ علي السهلانـي إلى جوار ربّه سنة (1335 ـ 1916) عن عمر يناهز الأربعين ، وكان والده الشيخ علي قدس سره من أوائل المحصّلين في العلوم الدينية ومن الشخصيات المرموقة .[2]
فتولى رعايته وتوجيهه جدّه العلم المجاهد والحجة المفضال الشيخ عبد الرضا السهلانـي ، والتحق بدراسة العلوم الإسلامية والأدبية في مقتبل العمر حتى توافر على حصيلة مهمة جداً من علوم الدين والعربية عند أساتذة أعلام وأقران مجدين ، فتقدم في دراسته وحاز عصا السبق بين أقرانه مما جعله موضع العناية والرعاية من أساتذته ، وقد درس العلوم الفقهية والأُصولية والحكمة والمنطق والحساب ، ونال الحظ الأوفر في العلوم العربية وآدابها بجد واجتهاد وحافظة واعية تلتهم النصوص الشعرية مع ما توافر له من توجيه أُستاذه الشيخ مهدي الحجار الذي رعاه رعاية أبوية من الناحية الأدبية ، ومال إلى نظم الشعر بتشجيع من المرحوم الشيخ مهدي الحجّار وهو في سنّ السادسة عشرة ، وكان يعرض ما ينظمه على أُستاذه الحجّار فيصلحه له ويهذّبه ، ويذكر فضل أُستاذه في تنمية هذه الموهبة لديه إذ كان يُلزمه بحفظ شعر المتنبي والأرجاني ويمتحنه يومياً ويتابعه لأجل ذلك حتى صلب عوده في مراسه ، وانتظمت القوافي في مراميه ، واستجمع المعاني في مطالبه ، في بيئة جُبلت على حب الشعر ونظمه . وكانت له على حداثة سنّه مشاركات أدبية في مناسبات عديدة .
وبرز مشاركاً في الندوات النجفية التي كانت تعقد في مناسبات أدبية ، فكان له مشاركات ، ومما يؤسف له عدم توافرها بعد مرور حقب عديدة عليها ، فضاعت بين تراكمات الزمان وتشدد الحال .
واستمر سماحة الشيخ السهلاني برعاية أساتذة أكفاء في العلوم الدينية والعربية وكان منهم :
1- الشيخ محمد تقي صادق العاملي .
2- الشيخ محمد طه الكرمي .
3- الشيخ محمد علي الدمشقي .
4- الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطاء .
5- الشيخ محمد جواد الجزائري .
6- الشيخ مهدي الحجّار .
7- وحضر بعض الوقت ـ بحث الخارج ـ لدى السيد أبو الحسن الإصفهاني .[3]
ومن زملائه وأقرانه في التحصيل :
1 ) السيد موسى آل بحر العلوم .
2 ) الشيخ محمد جواد الشيخ راضي .
3 ) الشيخ عبد الوهاب الشيخ راضي .
4 ) السيد هادي الفياض .
5 ) الشيخ عبد الغني الخضري .
6 ) الشيخ علي الخاقاني .
وقد أشار الخاقاني رحمه الله لهذه الفترة من الزمالة مع سماحة شيخنا الجواد بشيء من الإكبار والإعزاز في كتابه شعراء الغري ، يقول عنه :
" من الشباب الروحي الذي عني بالأدب زمناً ثم عركه الدهر فانتحى عنه جانباً ، وهو أحد لداتنا الذين نشأنا معهم في الجامع الهندي ، ومن أُسرة رمقها المجتمع، وقد واصل الدراسة في النجف منذ النشأة على يد أساتذة فضلاء ، فنال قسطاً من العلوم ، ونصيباً من الفضل ، وهو اليوم يعيش في ماركَيل من لواء البصرة كمرجع ديني " [4].
وذكره الشيخ الأميني في معجمه قائلاً :
" عالم روحي ، وكاتب مبدع ، متتبّع ، عني بالأدب ، وتعاطى النظم ، ونال قسطاً منهما ، انتقل إلى البصرة واستوطنها " [5].
وقد اقتطفت مجلة الموسم في عددها الأول سنة 1989 من مستدرك شعراء الغري ترجمة وافية للشيخ محمد جواد السهلانـي ، منها :
" هو الشّيخ محمد جواد بن الشيّخ علي بن الشّيخ عبد الرّضا بن الشّيخ جواد الحاج جبر السهلانـي الحِميري النّجفي .
عالم جليل ، وشاعر أديب ، من مشائخ العراق المعروفين ، وأعلامه المبرزين .
واشتغل في مجال الدعوة والإرشاد بحماس الشباب وحنكة الشيوخ ، واستطاع أن يبرز في تلك الأوساط كواحد من المصلحين المحترمين ، حتى أنّ أهالي البصرة بعثوا الوفود إلى النجف لاستحصال موافقة المرجع الديني الإمام السيد محسن الحكيم لينضم السهلانـي إلى أُسرة علماء هذه المدينة الكبرى ، فلبّى نداء الواجب وحط رحاله فيها ، وقام فيها بخدمات جليلة ، ومن بوادره الخيّرة التي تعكس ولاءه الصادق لأهل البيت النبوي ـ عليهم السلام ـ تأسيسه لموكب النصر الحسيني الذي كان يؤمّ العتبات المقدسة في المناسبات الدينية ، وكذلك سعيه نحو الوحدة الإسلامية بخطوات عملية ، بإقامته للاحتفالات السنوية بمناسبة استشهاد الإمام علي (عليه السلام) وكان يحاضر فيها نخبة ممتازة من علماء وأُدباء العراق ؛ من الفريقين ، ثم تُجمَع هذه النتاجات ضمن كتاب يصدر سنوياً ويوزّع بالمجان . ولا ننسى مبرّات السهلانـي ومشاركته في مؤسسات الرعاية الخيرية والاجتماعية . ومن آثاره الخالدة تأسيسه المسجد الكبير في محلّة الأصمعي بالبصرة ، والذي يعرف بـ (جامع الشيخ السهلانـي) ويُعد من أكبر مساجد البصرة ، مساحته ثلاثة آلاف متر مربع ، وقد أنشأه سنة ( 1385هج / 1966م )
وقام السهلانـي بنشاطات واسعة في صدّ الحركة الشيوعية عن تحقيق هدفها ، مما حدا بالسّلطات إلى مضايقته ، فأصدر الحاكم العسكري صالح العبدي أمراً بإبعاده إلى (داقوق) من محافظة (كركوك) ، وفرضت عليه الإقامة الجبريّة هناك . وتدخّلت المرجعيّة للإفراج عنه ، ورجع ولكن إلى كربلاء أخذاً بنصيحة الإمام الحكيم ، وبعد أن خفّت حدّة التّوتّر رجع إلى البصرة مزوداً بكتاب للإمام الحكيم في وجوب مؤازرته ومعاضدته والالتفاف حوله .
* آثاره :
1ـ ديوان شعر ، مرّ وصفه وهو بعنوان الأمواج .
2ـ الأحوال الشخصية ، ومصدرها القرآن الكريم .
3ـ رسالة موجزة في علم المنطق .
4ـ المسائل الشّرعيّة والعقل السّليم .
الحواشي
------------------------------
1 : آل السهلانـي من عشائر العراق المعروفة بالقوّة والعدد ، ترجع بنسبها العربيّ الوضّاح إلى (حِمير) القبيلة الشهيرة الّتي نزحت فيمن نزح من الجزيرة العربيّة إلى العراق إبان الفتح الإسلامي المظفّر ، وكانت تقيم في منطقة (أُم الفطور) التابعة إلى (الناصريّة) ، ومكانهم الأساسي كان (المنتفق) وقيل موضع (النيل) في الحلّة عند الفرات الأوسط ، ثمَّ انتشروا في الناصريّة والعمارة وضواحيهما في سنة (1155هـ /1742م ) . وفي النجف الأشرف من السهلانـيين العديد من البيوتات ، وبيت المترجم له كان من أرفعها عماداً .
وممن ذكر الأُسرة المؤرخ الشيخ جعفر آل محبوبة ، ومما قال عنها: " من بيوت الأدب العربية المنحدرة من أصل عربي صحيح ، من عشائر الفرات المعروفة ، وهم آل سهلان ، وتوجد منهم أفخاذ كثيرة ذات عدد وافر في لواء المنتفك ، وهم أهل نجدة وبأس ، وآل سهلان الطائفة الفراتية التي تشغل قسماً كبيراً من فرات الكوفة قطنت الفرات من عهد قديم ".
ومنهم بيت السهلانـي في محلة المشراق في النجف ، اشتهر منهم الشيخ علي السهلانـي ، وهو من أهل العلم البارزين ، عُرف في الفضل ، واشتهر بالعلم ، وكان من مشاهير أهل الصلاح ، وله بقية حتى اليوم . وأوّل من نزح إلى النجف من أُسرة المترجم له هو والد جدّه الشيخ جواد ، وكان من أهل العلم ، غير أنّ ولده الشيخ عبد الرضا ( جد المترجم له ) بلغ من العلم ما لم يبلغه والده ، وقد ولد سنة 1235هج ، وكان من أهل الفضل الموصوفين بالنباهة والفطنة ويعد في طبقة الشيخ جعفر البديري والسيد صالح السيد حمد الحلي .
2 : ومن أقرانه العلاّمة الحجة الشيخ حسين الحلي ، وكان من زملائه في الدرس ، ومن آثاره تعليقة على حاشية الملا عبد الله في المنطق ، ومجموعة شعرية تحمل اسم (الدهر وشجونه) .
3 :استمر في حضور درس السيد أبو الحسن الإصفهاني إلى أن وجهه الإمام الإصفهاني بخدمة جده الشيخ عبد الرضا ممثلين له في العمارة .
4 : شعراء الغري 7/455 .
5 : معجم رجال الفكر والأدب في النجف ص 235 رقم 930 .